تتواصل الكائنات ذات الخلية الواحدة مع بعضها البعض، كما تتواصل العضيات داخل الخلية الواحدة مع بعضها البعض بطريقة مثيرة للاهتمام والدراسة من قبل العلماء والباحثين حول العالم، وذلك لفهم تتطور الأمراض عامةً والأورام السرطانية خاصةً.
كل طرق التواصل بين الخلايا تكون معتمدة على إشارات أيضيّة مختلفة ومتنوعة ومحكومة بالعديد من الأنزيمات والبروتينات والهرمونات المختلفة في الجسم.
هذه الإشارات الأيضيّة نشأت من عمليات البناء والهدم أثناء تطور الجسم ونموه، وفي وفرة المواد المغذية، يتم بث إشارات الإرسال لإرشاد الخلايا نحو التكاثر وبناء أنسجة الجسم ونمو الأعضاء.
أما عند شُّح المواد المغذية، تبدأ عمليات الهدم، تستشعر الأعضاء والخلايا ذلك وتقوم ببث الإشارات لضبط الاتزان الداخلي في الجسم. وعندما تنحرف هذه الإشارات عن مسارها، تبدأ بالنشوء أمراض عديدة كالسرطانات
تساهم عادةً الإشارات الأيضيّة في التقدم بالعمر كما تساهم في السرطانات وتطورها وانتشارها وتكاثرها في الجسم، كما أن التلاعب بهذه المسارات يمكن أن يكون له آثار مفيدة. يؤدي الاتصال الكيميائي بين الخلايا والذي يحدث على مستويات مختلفة إلى تبادل متكامل للمعلومات وهو أمر ضروري للاستجابات المنسقة.
من أهم أسس فهم جوانب الإتصال الخلوي هو فهم العمليات التي تحصل على المستوى الجزيئي التي تحكُم الإشارات بين الخلايا والأحداث التي تحافظ على التواصل بين الخلايا في كل من الظروف العادية والمرضيّة.
توجد العديد من العمليات الأساسية الكامنة وراء الاتصال الخلوي وعمليات الإشارات التي تحدث فيما بين الخلايا للسماح باتصال فعّال. غالبا ما تكون الأمراض ناتجة عن إشارات غير صحيحة على المستوى الجزيئي، لذلك، يعد فك تشفير الأساس الجزيئي ذا أهمية قصوى في تمهيد الطريق أمام علاجات جديدة.
يحدث الاتصال بين الخلايا بين جميع الكائنات وعلى جميع المستويات المختلفة، كالبكتيريا، الفطريات، أحاديات النواة والكائنات متعددة الخلايا، والنباتات أيضًا. طورت الخلايا آليات إرسال إشارات مختلفة لِنقل المعلومات البيولوجية المختلفة منها : -المستقبلات التي تسمح بمرور الأيونات المختلفة. -هرمونات النمو التي تتفاعل مع الغشاء الخلوي. -تعديلات التعبير الجيني، من تثبيط إلى تنشيط بعض المواقع الجينية المختلفة. -المستقلبات في الدم " the metabolites " التي تحفز مستقبلات الخلية لتسبب إفراز هرمون ضروري لتنظيم انتاج الجلوكوز في الدم. -المستقبلات المنظمة للنمو التي يمكنها توجيه مسار الخلية بدقة، والتحكم في النهاية في كيفية ارتباط الكائن الحي داخليًا بأكمله مع بعضهِ البعض.
تستخدم الخلايا بروتينات المستقبلات على جدار الخلية الخارجي أو داخل الخلية نفسها لسماع إشارات مختلفة، بمجرد أن ترتبط الإشارة الكيميائية بمستقبل ما، يقوم هذا البروتين بتشغيل سلسلة إشارات في الخلية تؤدي لاستجابة كل خلية تحوي مستقبل يكشف عن إشارة مختلفة.
إحدى طرق دراسة آليات التواصل بين الخلايا عن طريق فحص الاستجابات الخلوية على الخلايا المزروعة مخبريًا لاختبار إشارات معينة باستخدام مواد كيميائية مختلفة.
تتضمن طرق أخرى أكثر شمولية قياس الإشارات الخلوية في كائن حي سليم من خلال تطبيق عوامل كيميائية محددة تحجب أو تنشط المستقبلات في منطقة نسيجية محددة ثم قياس الاستجابة.
يعد قياس الاستجابة أمرًا مهمًا للغاية، يستخدم العلماء الفحص المجهري لتتبع الجزيئات لتتبُّع تشكيل المستقبل الذي انتقل من حالة غير نشطة إلى حالة نشطة، كما تُستخدَم تقنيات قياس الطيف الكتَلي " mass spectrophotometry techniques " بقياس الكميات، مما يتيح تتبع جزيئات المرسل الثاني داخل الخلايا والتي تعتبر حاسمة في تنظيم الإشارات في الوسط داخل الخلايا.
لا تقتصر دراسة الإشارات الخلوية على علماء الأحياء؛ فبمساهمة المهندسين وعلماء الفيزياء الحيوية، يمكن للعلماء الآن إنشاء خوارزميات حسابية تضع نموذجًا لهيكل شبكة الإشارات استنادًا إلى القياسات البيولوجية، ويمكن استخدامها للتنبؤ بالنتائج المستحيل الحصول عليهة بالطرق العادية مخبريًا.
يعد انهيار الاتصال بينَ الخلايا جزءًا مها يسمح للخلايا السرطانية بالنمو دون رادع، الإعتقاد هو أننا إذا تمكنا من فك الشبكة الملتوية للتفاعلات الكيميائية داخل الخلايا وفيما بينها، سنتمكن من إيجاد طرق لتوجيه الأنسجة الحية للقيام بما نريد لمحاربةِ الأمراض والمشكلاتِ الجسمية المستعصية.
إعداد: فرح عيد تدقيق علمي: ربيع عوض تدقيق لغوي: رؤى سالم
Comments