يمتلك البشر عامةً بَشَراتٍ ذواتَ ألوانٍ متنوعة، فقد تظهر أحياناً في داخل العرق الواحد منهم تدرجاتٌ لونيةٌ عِدّة، إذ يُعتَبر العِرق العربي مثلاً مِن أكثر عروق العالم إختلافًا بلون البشرة، ويعتمد سبب ذلك على الكثير من العوامل التي أهمّها هو العامل الوراثي.
تسمى عملية التعبير عن اللون في البشرة بالتصبّغ أو الـ Pigmentation وتسمى الطبقة المسؤولة عن حِدّة اللون بطبقة الميلانين وكلاهما مهمّان جِداً في إيجاد هذا الإختلاف اللونيّ، إذ يعتمد الإختلاف المتأصل في لون الجلد على كمية ونوع الميلانين الموجود وعلى كمية توزيع الخلايا الصّبْغية والتي تتنقل إلى الخلايا الكيراتينية في طبقات جلد الإنسان العليا، ولأنّ العامل الوراثي هو الأهم ولا يقلّ تأثيراً عن العامل البيئي، فقد أشارت الدراسات السابقة إلى وجودِ آليةٍ وراثيةٍ معقّدةٍ تكمن وراء مسألة إختلاف لون البشرة هذه، مما قد يوسّع من فهمنا لعملية تشكيل التنوّع الجيني والظاهري في البشر.
إذ توجد بعض الأمثلة على الجينات التي تؤثّر في التباين الّلوني للبشرة، ومنها:
(MITF,EDN3,KITLG,BCN2,ASIP)
وفي دراسةٍ أُجرِيَتْ على الجين (SLC24A5) -وهو جينٌ مسؤولٌ عن تمايز لون الجلد الطبيعي في الإنسان- قام خلالها الباحثون بقياسِ تأثيرِ هذا الجين على مجموعةٍ مختلفةٍ من الأشخاص، تبيّن أنّ الذين امتلكوا أحماضاً أمينيةً من نوع ثيريونين بشكلٍ أكثر كانوا أكثرَ بياضاً من الذين يمتلكون الحمض الأميني من النوع ألانين.
وفي بعض الأحيان قد يكتسب الناس بشرةً ذاتَ لونٍ مختلفٍ عن تلك التي وُلِدوا بها نتيجة التعرض لعوامل عدة من ضمنها الأشعة فوق البنفسجية من الشمس، ويصبح هذا الأمر جلياً عندما نرى أشخاصاً من حولنا يمتلكون في أماكن الجسم المعرّضة لأشعة الشمس كالوجهِ واليدين لوناً أغمقاً من تلك المناطق غير المُعرّضةِ لها.
يزداد الإشعاع فوق البنفسجي (UV) الذي يصل إلى الأرض في الصيف وينخفض في الشتاء، ولذلك يصبح الجلد أكثر إسمراراً مع الصيف نتيجةً لهذا التغيير الموسمي والذي يؤدي بدورهِ إلى زيادةٍ في أعدادِ وأحجامِ حبيبات الميلانين بسبب تحفيز الأشعة فوق البنفسجية لها. وتُعْتَبَر الأشعة فوق البنفسجية الطويلة (UVA) من أكثر المكوّنات إنتشاراً وإختراقاً للجلد بشكلٍ عميق، ومن الممكن أن تُحْدِثَ تغيّراتٍ في النسيج الضام فيهِ، كما أنّ لها آثاراً واضحةً على المستويَيْن الخلوي والجزيئي في الجلد، ويعتمد تأثّر الأشخاص بها بحسب نوع لون بشرتهم الأصلي إذ يكونُ التأثّرُ أكثر وضوحاً على أصحاب البشرة الفاتحة.
ومن العوامل ذات الإرتباط الوثيق بالبشرة وتصبّغاتها أيضاً هو الفيتامين دال القادم من أشعة الشمس أيضاً ومن بعض الأغذية، حيث ينعكس دورهُ مباشرةً على الوظائف الحيوية لجسم الإنسان فيقوم بوقاية الجسم من عدة مشاكل صحية ويساعد في حلّ الكثير منها، وحينما تكون البشرة أقل عرضةً للأشعة من اللازم قد يحصل نقصٌ في الجسم لكميةٍ كبيرةٍ من الفيتامين ينتج عنه خللٌ في عملية الإمتصاص مثلاً، وتكونُ هذه الحالة جليةً أكثر في الدول ذات الأجواء الغائمة.
وممّا ننصح بهِ الجّميع أنّهُ يجبْ توخّي الحذر من قِبَل الأشخاص عند التعرض لأشعّة الشمس وخاصةً ذوي البشرات الفاتحة ويجب أيضاً إتّباع الأوقات الأكثر ملائمةً للتعرض الشمسيّ وتجنّب أوقات الذروة الشمسية، وأن لا تزيدَ مُدّةُ التعرّضِ عن 20 دقيقة في اليوم لغرض تحقيقِ عملية إمتصاص الفيتامين دال جيّداً وفي نفس الوقت عدم التعرّض لخطر الأشعة فوق البنفسجية.
إعداد: حارث زكريا سعيد.
تدقيق علمي: رؤى سالم.
تدقيق لغوي: فاطمه الحمداني.
تصميم: دعاء غالب
المراجع:
Comments